الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017

مصر: صيحات للشباب تتحدى تقاليد المجتمع

مصر: صيحات للشباب تتحدى تقاليد المجتمع

محمد وقصة شعره المثيرة للجدل
Image captionمحمد وقصة شعره المثيرة للجدل
في دكان حلاقة صغير بحي باب الشعرية الشعبي وسط العاصمة المصرية ينتظر عدد من المراهقين دورهم لتنفيذ قصات شعر جديدة، معظمها مستوحى من صور للمشاهير على الإنترنت.
لم يبلغ محمد، أحد زبائن الدكان، العشرين من عمره، وقد انتظر قرابة ساعتين ليحظى في النهاية بقَصّة لاعب كرة قدم يحبه، شعرٌ منسدلٌ من ناصيته إلى حاجبيه، بينما زينت النقوش جانبي الرأس.
يقول محمد "أقصدُ دكان أحمد يسري مرة واحدة شهريا لأن ملامح قصة الشعر تختفي مع الوقت، ولا أحب أن يكون مظهري عاديا".
وحينما سألته عما إذا كانتأسرته تتقبل مظهره في كل مرة أجابني "في بداية الأمر اعترضت أمي ووصفت ما فعلته بأنه شيء مقرف، بل طالبتني بالعودة لدكان الحلاق لإصلاح ما فعله في رأسي، لكني قلت لها إن كثيرا من الشباب أصبحوا يفعلون الشيء نفسه، خاصة نجوم أغاني المهرجانات، وتدريجيا تقبّلت والدتي الأمر".
وخلال السنوات الأخيرة، أصبحت قصّات الشعر المستوحاة من صور الإنترنت شائعة بصورة غير مسبوقة خاصة في الأحياء الشعبية.
ويشجع الفتيان بعضهم بعضا على كسر حواجز المجتمع التقليدية.
زفَّة خطيرة
وفي ليلة الأحد من كل أسبوع، يتفق الشباب صغيرو السن من سكان الحي على الاجتماع في ساحة واسعة قريبة للتباهي بمهاراتهم في الرقص بالدراجات النارية صينية الصنع في تقليد حديث يطلقون عليه "زفّة موتوسيكلات".
ويؤدي الفتيان خلال هذه الزفة استعراضات خطيرة، مثل رفع مقدمة الدراجة والوقوف عليها أثناء السير وربما يرسمون على الأرض لوحات من شدة احتكاك العجلات بالإسفلت بسبب الاستخدام المفرط للمكابح.
ويقول أحمد، أحد مؤدي رقصات الدراجات النارية "هذا الاستعراض ابتُكر كتشريف للعروسين خلال انتقالهما لقاعة الأفراح، إلا إنه أصبح تقليدا احتفاليا أسبوعيا لكثير من شباب الحي دون حاجة لوجود مناسبة بالضرورة".
ثقب الجسد
هاجر
Image captionهاجر
وفي حي الزمالك الراقي بالقاهرة، التقيت هاجر ذات العشرين ربيعا، وتقول إنها تخصصت في إحداث الثقوب وتركيب الأقراط في أجساد الفتيات والفتيان.
تقول هاجر "أثار اهتمامي قرط في لسان إحدى متسابقات برنامج ذا فويس، فبدأت أبحث عن هذا الموضوع على الإنترنت، وتعلمت كيف أجري عملية التعقيم والتخدير وتركيب الأقراط عبر موقع يوتيوب، وأصبحت متخصصة في هذا المضمار لأنني أدرس التمريض".
وتلمح هاجر إلى أنها تضطر إلى خلع بعض الأقراط الظاهرة حينما تذهب إلى الجامعة، تجنبا للانتقادات.
واستدركت "كثيرات يطلبن مني عمل هذا الأمر لهن في حنايا الجسد، ولاحظت أن هناك إقبالا متزايدا على هذه العادة خاصة من الفتيات صغيرات السن".
فروق بين الطبقات
أحمد علاء
المثير أن هذا الأسلوب لجأ إليه عدد قليل من الشباب أيضا، وقد التقيت أحمد علاء الذي ارتدى قرطا في أذنه اليسرى.
يقول علاء "عادة البيرسينغ معروفة بين الشباب خصوصا في المجتمعات التي تقطن الأحياء الغنية ولا أحد يعلق على مظهري، لكن في أماكن أخرى تكثر المضايقات ونظرات الاحتقار وربما الشتائم".
وألقت السلطات المصرية القبض على علاء وآخرين بعد أسابيع من هذه المقابلة ضمن حملة موسعة استهدفت المجاهرين بدعم المثلية الجنسية.
ويقول عمرو محمود، محامي علاء لبي بي سي، إن السلطات تتحفظ على الشاب في سجن القناطر رهنا للتحقيق معه في قضية رفع راية قوس قزح خلال احتفال أقامته فرقة غنائية لبنانية شرق القاهرة.
وأضاف "تتهم النيابة علاء بالانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون والترويج لأفكارها، وأنا أرجو أن يطلق سراح أحمد علاء في أقرب وقت، خاصة مع عدم وجود أدلة مادية ضده".
نظرات فضولية
كريم
كثير من المصريين يرى في الصرعات الجديدة للشباب توجهات وافدة وغريبة تتحدى التقاليد المحافظة وتهدد هوية المجتمع.
وخلال إعدادي هذا التحقيق التقيت كريم، وهو شاب يطيل شعره حتى يلامس الكتفين، في مقهى بحي تقطنه الطبقة الوسطى في الجيزة، وأثناء اللقاء قاطعنا المارة أكثر من مرة بسبب فضولهم تجاه شعره الطويل.
لكن كريم يؤكد أن التعليقات السلبية لا تزيده إلا إصرارا على الاحتفاظ بالمظهر الذي اختاره لنفسه، مشيرا إلى أنه يحرص على أن يكون مظهره مختلفا عما يشاهد عليه معظم الناس.
يقول كريم "لا أنكر أن لثورة الخامس والعشرين من يناير أثرا كبيرا داخل نفسي. كنت في ذلك الوقت في الصف الثالث الثانوي. وفي ميدان التحرير رأيت شبابا شعرهم طويل، بعضهم كان يجمعه على شكل ضفائر صغيرة ومتقنة، وعلى العكس رأيت من الفتيات من تحلق شعرها تماما، لقد أعجبتني مساحة الاختلاف كثيرا وقررت أن أفعل ما يعجبني بغض النظر عن نظرات الفضوليين".
نقلا عن BBC

0 التعليقات:

إرسال تعليق